هـمّـات و أفـعـال
من شعر العلاّمة الشيخ محمد صالح فرفور ( رحمه الله تعالى )

قصيدة ألقاها في المجمع العلمي بدمشق (مجمع اللغة العربية بدمشق) بمناسبة محاضرة أقامها العالمان الفاضلان الشيخ بهجت البيطار والشيخ صالح الحلبي موضوعها (الشباب و الشيوخ) في غرّة صفر عام 1352 هـ :

 

 

إن الـحـيــــــــــــــاة لآلام وآمــــــــــــــالُ

 

 

ونـاشـــــدُ العــزِّ لا يَعـــروه إهـمـــــال

 

ناديتُ قومـــي بأصـوات قد ارتعشــــت

 

 

لها القلـــــوب و فُكــــت ثَمّ أوصــــــَال(1)

 

ما بالُكُم يا رجــال الحي قد ضــــــُربت

 

 

صفـــوفكم بصنـــوف البؤس تَنهــــــال

 

هذي النساءُ بدت للنــاس ســــــافرة

 

 

وكـــــلُ قـَدٍّ كغصـــــن البــان ميـــــــال

 

هذي الشباب على التقليد عاكفــــةٌ

 

 

شـــــبراً بشـبر فـــــلا حـالٌ ولا قـــــال

 

تَشكـُون فقراً وإعــوازاً(2) ومَسغَبــــــةً

 

 

والمالُ لــلـَّهـــو واللـــــــذَّاتِ ينثـــــــال(3)

 

ألا ارعـــواءَ(4) ألا ألبـــاب تردعُكــــــــم

 

 

عن ذي المخازي وفي الأخلاق زلزال

 

هل مـن يُســـوِّي قلوبــاً قد تَخلَّلهـــــا

 

 

داءُ التشـتــــت ؟ إنَّ الـــــداءَ قــتـــــالُ

 

داءُ الـتـفـــــــــــــرق داءٌ لا دواءَ لـــــــــه

 

 

يمحــو الشــعوب وتشقى منه أجيال

 

لــولا التـنـابذُ و الـشحناءُ مـا قُبضـــــــت

 

 

منــا النواصــي و لا صــالوا و لا جــالوا

 

هـــل للعروبـــة أَقيـَال(5) ذوو ثقــــــــــة

 

 

لا القـــوم ُ قـــومٌ و لا الأقيــالُ أقيـــــال

 

هــــزّتهمُ رعــدة لـو أنهـا صــدقــــــــت

 

 

شــدَّت إلى المجـد بعـد اليوم أوصــال

 

لا تغـــتـرر بهــــمُ قــــولٌ بـــلا عمــــــل

 

 

إلا إذا عـــــــــزَّزَ الأقــــــــوالَ أفعــــــــــال

 

تبكـــي العروبـــةُ مجـداً زاهـراً نضــــــراً

 

 

تبكـــــي حُمـــَاةً أهــابوا حيثُمــا مالـوا

 

همُ الألى شيّدوا مجداً على هِمــــــم

 

 

عليـــاءَ ذَلـــَّت لهـــا أُســـــدٌ وأشـــــبال

 

صـَبُّوا دمـاءً علـى الأوطـــان جاريــــــــةً

 

 

فــــأنبتوا شــــَمما(6) يعلـــوه إقبــــــــال

 

أَمسّوا موالٍ وأمسى الدهرُ خادمَهـــم

 

 

نــالوا الســيادة، أكــرِم بالــذي نالــــــوا

 

تـلـــك الحضـــــارة زهـــــراء يزينهــــــــا

 

 

عـــدل، وعلــم، وهمــــّات، وأفعــــــــــال

 

ذاك الترقـــي وذاك النـــور لـــو علمـــوا

 

 

مـــا فـــي التقــاعــس(7) إكبار وإجـــلال

 

هـــل بالأمـــاني وبـــالأقوال نهضتُكـــم

 

 

ســــاءت أمــانٍ، وســــاءت ثـــَمَّ أقـــوال
 

يا ابـــنَ الــذبيحين مـــا أوفوا بعهدهـمُ

 

 

بـــل أصـــبحوا كغُثاءِ الـسـيل(8) ينهـــال

 

مهـــلاً أُخـــَيَّ فما بالموت من حــــــَرَج

 

 

إن كــــان يعـــرو حيـــــاةَ المـــــــرء إذلال

 

لا أبتغـــي غـــارةً شــعواءَ(9) طامِـيَة(10)

 

 

يــُذْكِي تأجُّجَهـــــا ســـيفٌ وعســّال(11)

 

بــل أبتغــي عَلــَمَ الإخــلاصِ منتشـــراً

 

 

تحنـــو(12) لهَيبـــته شــِيْبٌ وأطفـــــــال

 

لا تيأســـوا، وثقـــوا بالله، واعتصمـــــوا

 

 

فاليــــأس للقلـــــب وَآ دٌ(13) و قــَتــــــَّال

 

والجـــدُّ يبعــث بالرِّمــَّاتِ(14) مـن عَدَم

 

 

إن الحيـــــــــــاة لآلامٌ و آمـــــــــــــــــــال

 

  شرح المفردات :

1ـ المفاصل, أو مجتمع العظام

8- غثاء السيل: ما يحمله من الزبد والوسخ وغيره

2ـ حاجة وفقرا

9- متفرقة

3ـ ينصبّ

10- عالية أو مسرعة . يعني شديدة

4- الارعواء: الندم على الشيء, والترك له

11- الرمح المهتز

5- جمع قيل, وهو الملك من ملوك حِمير

12- تنحني

6- رفعة وعزا

13- يدفنه

7- التأخر والرجوع إلى خلف

14- جمع رِمَّة بالكسر: العظام البالية